الرسوم الكاريكاتورية هي جزءٌ لا يتجزأ من التعقيدات المحلّية للحظة سياسية ما ولغتها ورموزها وصورها المجازية. إنها آيلة نحو الزوال، لأنه يتعذّر عمليًا فهم معانيها بعد انقضاء تلك اللحظة السياسية، وبعدما يصبح الخطاب المصاحب لها خطابًا بائدًا. أحيانًا، "الترجمة" المطلوبة من أجل فهم رسم كاريكاتوري عمره عشرة أعوام أو ١٥ أو ٢٠ عامًا، أو حتى أقدم من ذلك، ليست لغوية وثقافية وحسب، إنما أيضًا تاريخية، وهي رهنٌ بسياق الحدث أو الفعل الذي يتناوله الرسم الكاريكاتوري.
الكاريكاتور هو أيضًا "لغة ما وراء اللغة" (metalanguage) الهدف منها إبداء تعليقات اجتماعية وسياسية تمرّدية/استفزازية. شهدت مرحلة ما بعد الحرب ظاهرة جديدة: أَقبلَ فنانون غرافيكيون هم إما طلاب وإما خرّيجون جدد، على كتابة تعليقات اجتماعية وسياسية تمرّدية واستفزازية على جدران المدينة، مستخدمين رسومًا وكلمات مفاتيح فضلًا عن عدد من التقنيات المختلفة. كان الهدف من هذا الجيل الأول من "الوسوم" (أو الـ"تاغات") تشويه منظر الجدران والأحياء، والإساءة إلى الذوق والسلوكيات الحميدة. أصبحت الجدران موضع رقابة مشدّدة، وبات "الواسِمون" (taggers) معرَّضين لخطر السجن أو انقضاض القوى الأمنية عليهم، وكان يتم منهجيًا تمويه رسومهم عبر دهنها بالطلاء. ومع مرور الوقت، تحوّل "الوسم" إلى رسوم غرافيتي تحظى بالرعاية من الوكالات الإعلانية والمصارف، وجرى تدجينه، فأصبح عبارة عن نصائح تافهة عن "الصحة العامة" أو "الرفاه الاجتماعي".
تُنظَّم جلسة النقاش بالتزامن مع معرض "بيار صادق يحاكي التاريخ".
Event:
جدران المدينة ومواقع الاحتجاج
محاضرة وحلقة نقاش
جلسة نقاش حول الطبيعة المتغيّرة للّغات الغرافيكية المستخدَمة في التعبير عن الآراء الاجتماعية والسياسية في بيروت بعد الحرب، ولا سيما حول ممارسات ثقافة الرسم والوَسْم. المشاركون في جلسة النقاش هم حاتم إمام، حامد سنو، وجنى طرابلسي. وتتولّى إدارتها رشا سلتي.
في اللغة الإنكليزيّة
الدخول مجاني
With: